الفصل العاشر

 

1  - الملاك جبرائيل

2      – المسيح عليه السلام

3  -  بين الحكماء

4  - النبي يحيى (يوحنا)



1      - الملاك جبرائيل

        ابقى الشيطان الانسان في قبضة الموت لعدة قرون. وكافح الانسان تحت عبء  الخطيئة الكبير، وأمل واحد فقط يلوح في الافق، وهو مجيء المخلص الموعود. وسمح الله من خلال رحمته بموت حيوان بريء بدل موت الانسان، وكان ذلك دفعة مؤقتة عن الخطيئة. ومن اجل الحصول على حياة ابدية كاملة لا يستطيع دم الحيوانات ان يزيل الخطيئة – انه يخفيها لفترة من الوقت فقط. ويوضح الكتاب المقدس ذلك :

        لأنه لا يمكن ان دم الثيران والتيوس يزيل الخطايا

                                                        الرسالة الى العبرانيين 10: 4

      ما الجواب عن ذلك ؟ ربما كان احد الناس مستعدا للموت من اجل شخص آخر، ولكن هذا لا يعتبر حلا ايضا. لا يستطيع الانسان الخاطئ ان يخلص خاطئا آخر.

        يشبه الامر قصة رجلين وقعا في حفرة كبيرة داخل منجم قديم. وبينما كانا يكافحان في الظلام داخل المستنقع وسط حفرة كبيرة، قال احدهما للآخر: "اخرجني من هذا المكان المرعب، انني اغرق في هذا الوحل الكريه". فأجاب الرجل الآخر:"هل انت مجنون؟ انني اغرق انا ايضا! لا استطيع ان اقدم لك المساعدة".

        كان يستحيل على الخاطئ ان ينقذ خاطئا آخر من هوة الخطيئة.

        وكان لا بد من وجود احد يستطيع تقديم المساعدة . واذا نظرنا على وجه الكرة الارضية، فاننا لن نجد احدا بلا خطيئة، سواء أكان نبيا ام كاهنا، فقد ولد كل انسان من بدء الزمان كإبن لآدم،  وولد بطبيعة آدم الخاطئة (1). لم يستطع الانسان ان يقوم بوظيفة المخلص، لان لديه عقوبة الخطيئة التي يجب ان يتعامل معها.

        يحتاج الانسان الى من يخلصه من خارج الحفرة. يحتاج الى شخص بلا خطيئة، يستطيع ان يخلص كل البشرية من مستنقع الخطيئة المخيف. ويثير هذا الامر مجموعة من التساؤلات. اين سيجد الله مثل هذا المخلص الذي لا يحمل الخطيئة ؟ هل سيعطي الله هذه المهمة لملاك او نبي؟ لم يكن الناس يعرفون شيئا عن ذلك. ماذا سيعمل الله لكي يظهر بصورة جيدة من هو المسيح عليه السلام؟ وعندما يصل كيف سيعرفه الناس؟

        اراد الله اولا ان يعد العالم لهذا الحدث الوشيك، بارسال رسول خاص لكي يعلن عنه. ولا يستطيع المرء الا ان يتساءل اذا كانت الملائكة تعرف من سيكون هذا الرسول وحامل الاخبار الجيدة ؟ هل سيكون واحدا منهم؟ وتسربت بعد ذلك اخبار مختلفة لها علاقة بهوية المخلص. ولا بد ان هذه الاخبار قد جعلت السماء تنتظر:

      وكان في ايام هيرودس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا… وامرأته من بنات هرون اسمها اليصابات. وكان كلاهما بارين امام الله سائرين في جميع وصايا الرب واحكامه بغير لوم. ولم يكن لهما ولد لان اليصابات كانت عاقرا، وكانا كلاهما قد تقدم في ايامهما. وبينما كان يكهن في نوبة فرقته امام الله، اصابته القرعة على عادة الكهنوت ان يدخل هيكل الرب ويبخر. وكان كل جمهور الشعب يصلي خارجا في وقت التبخير. فتراءى له ملاك الرب واقفا عن يمين مذبح البخور. فاضطرب زكريا حين رآه ووقع عليه خوف. فقال له الملاك لا تخف يا زكريا فان طلبتك قد استجيبت وامرأتك اليصابات ستلد ابنا فتسميه يوحنا. ويكون لك فرح وابتهاج ويفرح كثيرون بمولده. لانه يكون عظيما امام الرب… ويرد كثيرين من بني اسرائيل الى الرب الههم. وهو يتقدم امام الرب.. ليرد قلوب الآباء الى الابناء والعصاة الى حكمة الابرار ويعد للرب شعبا كاملا.

                                                          لوقا 1: 5-17

        اخبر الملاك زكريا أن ابنه يوحنا سيكون رسولا يعد الطريق للرب القادم. كان ذلك الخبر مفرحا، ولكن النبأ السار الاخير جعل السماء كلها تتحرك. وقبل ان يحدث هذا باربعمائة سنة كتب النبي ملاخي ...

     هاءنذا مرسل ملاكي فيهيء الطريق امامي وللوقت يأتي الى هيكله السيد الذي تلتمسونه وملاك العهد الذي ترتضون به. ها انه آت قال رب الجنود.

                                                                 ملاخي 3: 1

        كانت النبوءة واضحة. ولا بد ان زكريا تعجب اذ لم يرها من قبل. لقد قال رب الجنود: "سوف ارسل ملاكي ليهيء الطريق امامي!" وقال الملاك اضافة لذلك بأن المرسل الذي سوف يهيء الطريق سيكون ابن الكاهن – واسمه يوحنا.

 

اليصابات

        عاد زكريا الى بيته وهو يشعر بصعقة شديدة. وأوفى الله بوعده. وحدث الامر تماما كما قال الملاك:

       ومن بعد تلك الايام حبلت اليصابات امرأته. فاختبأت خمسة اشهر قائلة. هكذا صنع بي الرب في الايام التي نظر الي فيها ليصرف عني العار بين الناس.

                                                          لوقا 1: 24، 25

        ان السؤال الذي كان يقلق زكريا هو: كيف سيأتي رب الجنود الى الارض؟ هل سيأتي في عربة ذهبية تقودها سبع جياد بيضاء؟  هل سيحاط بحشود من الملائكة التي تشع نورا لامعا ؟ هل سيعزل الحكام الرومانيين - ويقذف بهيرودس عن عرشه؟ لم يقل الملاك شيئا عن ذلك.

 

مـريم

        ننتقل الآن الى مشهد آخر يقوم فيه الملاك بزيارة اخرى الى شابة اسمها مريم. ارسل الله في الشهر السادس الملاك جبرائيل الى مدينة في الجليل تسمى الناصرة:

         الى عذراء مخطوبة لرجل اسمه يوسف من بيت داود، واسم العذراء مريم

                                                                لوقا 1: 25: 26

        كان يوسف ومريم مخطوبين لبعضهما البعض حسب العادات الشرقية التقليدية . ويقول الكتاب المقدس  ان كلا من يوسف ومريم كانا من السلالة المباشرة للملك داود الذي عاش قبل 1000 عام من ذلك الوقت:

     فلما دخل اليها الملاك قال السلام عليك يا ممتلئة نعمة الرب معك، مباركة انت في النساء. فلما رأته اضطربت من كلامه وفكرت ما عسى ان يكون هذا السلام. فقال لها الملاك لا تخافي يا مريم فانك قد نلت نعمة من عند الله وها انت تحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع

                                               لوقا 1: 28 - 31

        ماذا ؟ والآن جاء دور مريم لتصاب بالدهشة وتعجز عن الكلام. وعندما استطاعت ان تمالك نفسها وتتحدث، سألت سؤالا منطقيا جدا:

      فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وانا لا اعرف رجلا. فأجاب الملاك وقال لها ان الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك ولذلك فالقدوس المولود منك يدعى ابن الله.

                                                                لوقا 1: 34-35

        ستصبح مريم اما للمخلص، الذي وعد به ابراهيم ونسله عبر الاجيال!

        اصبحت القصة الآن واضحة، وعرفت مريم تفاصيل القصص الماضية بصورة مفصلة. كان الله قد وعد حواء في جنة عدن، بأن المخلص الموعود سيكون من نسلها. ولم تقل القصة نسلهما مشيرة الى الرجل والمرأة. واصبح الوعد الآن على وشك ان يتحقق، وسيولد الطفل من عذراء، سيكون من نسلها هي فقط. لن يكون للطفل أب من البشر. وما بدا بأنه اختيار غير مهم للكلمات، اصبح يحمل الآن وزنا كبيرا!

        وكان لهذه الملاحظة عبر التاريخ معان كبيرة. لأن الطفل لم يحبل به بواسطة زرع الرجل، فلن يكون جزءا من سلالة آدم. لقد ورث جميع احفاد آدم طبيعته الخاطئة! ولكن يسوع المسيح عليه السلام لن يكون ابنا لآدم، وانما لله. ستكون له طبيعة الله السامي الجلال. ولا عجب ان الملاك اشار الى الطفل بأنه القدوس. سيكون الطفل بلا خطيئة تماما كما  ان الله بلا خطيئة. سيكون المسيح كاملا منذ ان تم الحبل به.

* انظر الصفحات 224 الى 226 لشرح مصطلح "ابن الله".

        وهكذا ، لن يأتي رب الجنود بكل العظمة والفخامة السماوية. وانما سيصل الى كوكب الارض مثلما وصل جميع بني البشر، - كطفل! وقال الملاك لمريم…

     وها ان اليصابات نسيبتك قد حبلت هي ايضا بابن في شيخوختها وهذا الشهر هو السادس لتلك المدعوة عاقرا. لانه ليس امر غير ممكن لدى الله. فقالت مريم ها انا امة الرب فليكن لي بحسب قولك. وانصرف الملاك من عندها.

                                                          لوقا 1: 36-38

        عرفت مريم ان اليصابات كبيرة في السن لكي تلد طفلا. وبالتأكيد اذا كان يمكن ان تحبل اليصابات، فسيكون ممكنا تماما ان تلد امرأة عذراء. اختارت مريم ان تثق بالله.

 

يـوحنـا

        واما اليصابات فلما تم زمان وضعها ولدت ابنا.

                                                                لوقا 1: 57

        ولد يوحنا تماما كما وعد الله. ويقول الكتاب المقدس  بأن ذلك كان مناسبة عظيمة، ويجب ان تكون كذلك، لان الوصمة تلحق باللواتي لا يستطعن انجاب الاطفال. وقد تأثر زكريا كثيرا بهذا الحدث، فانطلق لسانه وبدأ يتكلم وهو يبارك بحمد الله. وكان الذي يقوله في الواقع، رحلة مصغرة في تاريخ العالم، تظهر فيها مواعيد الله المتكررة التي اعطاها عبر القرون- وخاصة الوعد بارسال المخلص. تستطيع ان ترى زكريا الرجل الكبير السن، وهو يحمل الطفل عاليا ويحدق بعينيه ويقول:

 

         وانت ايها الصبي نبي العلي تدعى لانك تسبق امام وجه الرب لتعد طرقه…

                                                                لوقا 1: 76

        سيكون يوحنا هو الرسول الذي يعلن عن وصول المخلص الموعود الى العالم.

                                               

                                        معـنى اسـم

        يسجل الكتاب المقدس  اقوال عدد من الانبياء الذين عاشوا قبل ميلاد المسيح عليه السلام بوقت طويل، وسجلوا بدقة كبيرة اخبار مجيئة. وقد كتب اشعيا النبي قبل 700 عام من ميلاد المسيح  يقول:

          لانه قد ولد لنا ولد اعطي لنا ابن فصارت الرئاسة على كتفه ودعي اسمه عجيبا مشيرا الها جبارا أبا الابد رئيس السلام. لنمو الرئاسة والسلام لا انقضاء له على عرش داود ومملكته ليقرها ويوطدها بالانصاف والعدل من الآن والى  الأبد.                                      

                                                          اشعيا 9: 6، 7 أ

        يجب ان نلاحظ ان هذا الطفل يدعى الها جبارا أبا الابد - وهما اسمان لا يعنيان شيئا الا الله.

        وكما رأينا سابقا فان لله اسماء كثيرة، ويصف كل منها جزءا من شخصيته. ونجد تناقضا مهما بين اسمين يستعملان للمسيح عليه السلام:

ابن الله: هذا لا يعني ان الله له ابن من امرأة. ان مصطلح ابن الله هو مجازي وليس له دلالات جسدية. وقد ورد هذا المعنى الاصطلاحي في اماكن متعدد من كلام الله.  يشير الكتاب المقدس مثلا الى:

        يوسف … الذي لقبه الرسل برنابا الذي تأويله ابن العزاء.

                                                         اعمال الرسل 4: 36

        أعطي يوسف هذا الاسم ليس لان اسم ابيه كان العزاء، وانما لان حياته تميزت بالعزاء الذي اعطاه للآخرين. ويظهر مثل آخر عندما يذكر الكتاب المقدس:

        ابناء العصيان….             

                                                الرسالة الى اهل افسس 5: 6

        ويشير هذا الى هؤلاء الذين هم عصاة بطبيعتهم.

        وعندما يذكر الكتاب المقدس ان المسيح هو ابن الله، فهذا يعني ان له طبيعة كاملة مقدسة، بعكس الانسان العادي الذي له طبيعة فاسدة، مثل طبيعة ابن آدم.

        وهو ضياء مجده وصورة جوهره

                                                 الرسالة الى العبرانيين 1: 3

كان هذا التحديد الالهي واضحا جدا، بحيث ان المسيح عندما كان يشير لنفسه بأنه "ابن الله"،  اتهم بالتجديف من قبل المسؤولين من رجال الدين في عصره. وقد قالت الشياطين نفسها ان المسيح هو ابن الله.

        فهم البعض مصطلح "ابن الله" على انه يعني وجود علاقة جنسية بين الله ومريم. وهذا كلام خاطيء. وتعتبر "كلمة الله" مثل هذا التفكير تجديفا، وهي لا تشير الى هذا المعنى في أي مكان. ويقول لنا الكتاب المقدس بوضوح، ان مريم كانت عذراء حتى بعد ولادة المسيح عليه السلام. لم يتم الحمل بالمسيح من خلال اتحاد جسدي، وانما من خلال معجزة. حل روح الله القدوس على مريم بطريقة خاصة، ليعطي القوة لجسمها لكي يفعل ما هو ليس طبيعيا - ان تلد طفلا بينما لا تزال عذراء.

        وذهب آخرون الى القول بأن مريم كانت ام المسيح، وهذا يعني ان مريم هي ام الله. ويشير هذا بالطبع ان لمريم طبيعة الالهة. واعتقد البعض ان مريم هي ملكة السموات التي تزوجها الله ونتج عن ذلك ولادة المسيح. ويعتبر الكتاب المقدس مثل هذا التفسير تجديفا الى ابعد الحدود. ولا يتم ذكر هذا الشيء في أي مكان من الكتاب المقدس. ان كلام الله واضح جدا حيال هذه القضية. كانت مريم امرأة من بني البشر، وكانت هي الوسيلة التي استعان بها الله من اجل الدخول الى هذا العالم، وهي ليست اكثر من ذلك. كانت مريم نفسها خاطئة واعترفت بالحاجة الى مخلص. قالت مريم:

        تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي

                                                        لوقا 1: 46، 47

        لم تكن مريم الهة ولم تكن ام الله. كانت امرأة احتاجت الى ان يكون الرب مخلصها، واستعان بها الرب في نفس الوقت لاتمام ارادته. وعندما نرى عبارة "ابن الله"، علينا ان ندرك انها تعني في معظم الحالات، امتلاك طبيعة الله.

ابن الانسان: لا يشير هذا المصطلح الى ان للمسيح أب من البشر (كان يوسف زوج مريم وليس والد المسيح). واستعمل المسيح مصطلح ابن الانسان في الاشارة لنفسه. وكان لهذا المصطلح جانبان:

1-     اعلان انسانية المسيح: رغم انه لم يكن للمسيح أب من بني البشر، فقد اتخذ شكلا بشريا.عاش كما يعيش البشر وبلا خطيئة. وسوف نرى اهمية هذا الامر عندما نتقدم في سرد قصتنا.

1-      اعلن هذا المصطلح هويته الحقيقية: ادرك دارسو الكتاب المقدس خلال قرون عديدة ان هذا المصطلح يشير الى المسيح. واقتبس المسيح نفسه هؤلاء الانبياء لكي يشير الى انه قد اتم تحقيق اشاراتهم الى المخلص الموعود. تأمل بما كتبه النبي دانيال قبل اكثر من خمسمائة سنة من ميلاد المسيح عليه السلام.

     ورأيت في رؤى الليل فاذا بمثل ابن البشر… واوتي سلطانا ومجدا وملكا فجميع الشعوب والامم والالسنة يعبدونه.         

        نبوءة دانيال 7: 13، 14

     وكلما تقدمنا في دراسة الكتاب المقدس، نكتشف وندرك مغازي هذا المصطلح بصورة اكثر اتساعا.

 

مشترك

        ان المصطلحين ابن الله وابن الانسان هما اسمان من الاسماء العديدة المستعملة للمسيح. وعندما تمزج معا  فانها تجد تعبيرها في حقيقة ان الله…

       

         تجلى في الجسد       

                                 الرسالة الاولى الى تيموتاوس 3: 16

        لم يتوقف الله عن كونه "الله" عندما اصبح انسانا. ولم يصبح خاطئا عندما اتخذ شكل انسان. كان لا يزال فائق القوة والمعرفة، ولا يزال كاملا في البر. ويصعب علينا ان نفهم كيف استطاع ان يحصر نفسه في جسد بشري، وان يكون كاملا بجميع صفاته، وهذا هو ما يعلمه الكتاب المقدس. ان الله عظيم. ويتضح السبب من اختياره لهذه الطريقة فيما بعد.

 

2      – المسيح عليه السلام

        اما مولد المسيح فكان هكذا. لما خطبت مريم امه ليوسف، وجدت قبل ان يجتمعا حبلى من الروح القدس. ولما كان يوسف رجلها صديقا، ولم يرد ان يشهرها هم بتخليتها سرا.

                                                          متى 1: 18، 19

        كان فسخ الخطوبة حسب عادات تلك الايام، يتطلب طلاقا. تخيل برهة من الزمن كيف كان شعور يوسف. لا بد انه اصيب بألم شديد. كانت مريم حبلى، ولم يكن الطفل طفله. سيؤدي كشف الحقيقة للجمهور الى وصم مريم بما يجب ان تكون، امرأة زانية. الا اذا  كان كلام مريم المستحيل عن الملاك الذي ظهر لها صحيحا. كلا، ان هذا الامر ليس ممكنا. لا بد وان الفتاة المسيكنة قد فقدت صوابها. احبها يوسف ولكنه لم يستطع ان يتزوج من فتاة خدعته، وتحاول بوضوح ان تخفي ذلك بقصة خرقاء. واننا لا نعرف حقيقة ما كان يفكر به يوسف، ولكننا نعرف انه قرر بأسى ان يطلقها بهدوء:

        وفيما هو متفكر في ذلك اذا بملاك الرب تراءى له في الحلم قائلا يا يوسف ابن داود لا تخف ان تأخذ امرأتك مريم فان المولود فيها انما هو من الروح القدس. وستلد ابناء فتسميه يسوع لانه هو الذي يخلص شعبه من خطاياهم. وكان هذا كله ليتم ما قيل من الرب بالنبي القائل ها ان العذراء تحبل وتلد ابناء ويدعى عمانوئيل  الذي تفسيره الله معنا.

                                                          متى 1: 20-23

        لم يستطع يوسف ان يسمع هذا الامر بوضوح اكثر. ان مريم لا تزال عذراء وستلد طفلا! وسيكون اسم الطفل "يسوع" الذي يعني المنقذ او المخلص. وسوف ينقذ الناس ويخلصهم من نتائج خطيئتهم. وقال الملاك ان اسما آخر من اسماء المسيح عليه السلام سيكون عمانوئيل الذي يعني الله معنا. سيكون هو الله الذي يعيش بالجسد البشري بين الناس.

        كتب النبي اشعيا عن هذا الحدث قبل 700 عام يقول:

      فلذلك يؤتيكم السيد نفسه آية. ها ان العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل

                                                           اشعيا 7: 14

        لا بد ان يوسف قد هب من السرير. لقد كان اشعيا على صواب! كان الامر يحدث تماما كما قال الله انه سيحدث. ولكن ماذا سوف يفكر الآخرون ؟ ليس مهما! كان يعرف شيئا واحدا فقط، وهو ان يؤمن بالله ويفعل مشيئته (2).

       فلما نهض يوسف من النوم صنع كما أمره ملاك الرب. فأخذ امرأته . ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر وسماه يسوع.

                                                  متى 1: 24، 25

الاحصـاء

        وفي تلك الايام صدر امر من اوغسطس قيصر بأن يكتتب جميع المسكونة

                                                                        لوقا 2:1

      احتاج قيصر الى المال، واذا حصل الرومان على احصاء دقيق، تمكنوا من جمع ضرائب اكثر من الناس. ولا شك ان يوسف لم يكن سعيدا بهذا الامر، فقد حان تقريبا زمن وضع زوجه. وربما لأنه يعمل نجارا، كان في تلك الفترة يعد الامر لولادة الطفل: يصنع المهد ويعد بمساعدة القابلة المحلية مكانا نظيفا ومناسبا وآمنا لولادة الطفل. واصبح عليه الآن ان يأخذ امرأته الى بيت لحم، التي كانت قبل الف سنة موطن الملك داود. ان قطع مسافة 70 ميلا (120كلم) في هذه الرحلة مع زوجته التي يمكن ان تلد في أي لحظة، لم تكن فكرة محببة، خاصة وان السفر سيكون فوق حمار او سيرا على الاقدام. لماذا لم يتم الاحصاء في الناصرة في بلدة يوسف؟ كان هذا الامر مربكا جدا. ولكن الرومان لم يعطوا الناس أي خيار. كان عليه ان يأخذ مريم الى بيت لحم.

        فانطلق الجميع ليكتتبوا كل واحد الى مدينته. وصعد يوسف ايضا من الجليل من مدينة الناصرة الى مدينة داود التي تدعى بيت لحم، لانه كان من بيت داود ومن عشيرته. ليكتتب مع مريم امرأته المخطوبة وهي حبلى. وبينما كانا هناك تمت ايام ولادتها. ولدت ابنها البكر فلفته واضجعته في مذود لانه لم يكن لهما موضع في المنزل.

                                                                        لوقا 2: 3-7

        وهكذا ولد المسيح عليه السلام في بيت لحم بعيدا عن منزل يوسف ومريم. كانت البلدة مزدحمة، وكان المكان الوحيد الذي استطاعا ان يجدا فيه مسكنا، اسطبل حيوانات. وكان اول مهد للمسيح مذودا، وهو وعاء لاطعام الماشية. وبينما كان يوسف ينظر الى امرأته، وجد ان كل ما خطط له لم يحدث كما اراد. بيت لحم! من بين جميع الاماكن! وفي اسطبل عفن! ولكن بينما كان ينظر الى الطفل، احس بأن كل شيء كان صحيحا بشكل تام.

                        وسماه يسوع           

                                        متى 1: 25

الـرعـاة

          وكان في تلك الناحية رعاة يبيتون في البادية يسهرون على رعيتهم في هجعات الليل. واذا بملاك الرب قد وقف بهم ومجد الله اشرق حولهم فخافوا خوفا عظيما. فقال لهم الملاك لا تخافوا فهناءنذا ابشكركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب. قد ولد لكم اليوم مخلص وهو المسيح الرب في مدينة داود. وهذه علامة لكم. انكم تجدون طفلا ملفوفا مضجعا في مذود. وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي يسبحون الله ويقولون. المجد لله في العلى وعلى الارض السلام للناس الذين بهم المسرة.

                                                          لوقا 2: 8-14

        كان الرعاة يهتمون برعي خرافهم كما كانوا يفعلون دائما. وكانت خراف قطعانهم تستعمل غالبا ذبائح في الهيكل في مدينة القدس، على بعد بضعة اميال فقط الى الشمال من مدينة بيت لحم. وكانت الحياة تسير على هذه الصورة. ولكن حياتهم اصبحت الآن مختلفة تماما بعد ظهور الملائكة. وسأل الرعاة بعضهم البعض بدهشة واثارة: "هل سمعت ما انا سمعته؟ ان المسيح هو الرب!".

 

المسـيح /المسـيا

        ان كلمة مسيح اليونانية هي نفس الكلمة العبرية مسيا. وتعني هذه الكلمة الشخص الممسوح. وكان اسم مسيا خلال قرون عديدة يطلق على المخلص الموعود.

        وتقول الملائكة الآن أن الشخص الممسوح - المسيا/ المسيح - كان الرب (3). وكان مصطلح الرب في حد ذاته يستعمل من قبل الانبياء القدماء للاشارة الى المسيا. لقد اعلنت الملائكة للرعاة:

        ولد لكم مخلص، انه المسيح الرب

                                                        لوقا 2: 11

وكانت الملائكة في جوهر الامر، تعلن ذلك نيابة عن الله…

        أليس اياي انا الرب فانه ليس آخر لا اله غيري عادل مخلص ليس سواي.

                                                                اشعيا 45: 21

وكان هناك مخلص واحد.

     فلما انطلق الملائكة الى السماء قال الرعاة بعضهم لبعض، لنمض الى بيت لحم وننظر هذا الامر الواقع الذي اعلمنا به الرب. وجاءوا مسرعين فوجدوا مريم ويوسف والطفل مضجعا في المذود. فلما رأوه اخبروا بالكلام الذي قيل لهم عن الصبي…

                                                                لوقا 2: 15، 17

        كان الرعاة من ابناء الشعب الفقراء، ولا يتوقع المرء عادة دعوتهم الى ميلاد ملك. ولكن كان هنالك آخرون في الطريق جاءوا لرؤية المسيح عليه السلام.

 

المجـوس ( الرجال الحـكماء)

      ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية في ايام هيرودس الملك، اذا مجوس قد اقبلوا من المشرق الى اورشليم. قائلين اين المولود ملك اليهود. فانا رأينا نجمه في المشرق فوافينا لنسجد له.                     

                                                          متى 2: 1-2

        كان المجوس خبراء في دراسة النجوم، وقد جاءوا من الجزيرة العربية او من الشرق، وربما من بلاد فارس (ايران اليوم). ومن الواضح انهم كانوا يدركون بصورة أكيدة ما يفعله الله في العالم، لأنهم سافروا مسافة كبيرة فوق الجبال والصحاري غير الآمنة، وتحملوا الكثير من المشاق والاعباء المادية من اجل مشاهدة الطفل الذي ولد حديثا. ويمكن ان يكون هؤلاء الرجال قد توقعوا زيارة ملك. وكان الملك الذي يجلس على العرش في اليهودية في هذا الوقت هو هيرودوس الكبير، الذي كان دون شك، قد علم بوصول هذه الجماعة الهامة. ولم يكن بوسع الجنود الذين يحرسون حدود اليهودية التعرض لهم، لانه لم يكن من المعقول التفكير بزيارتهم على انها تهديد، لانهم لم يكونوا بصحبة جيوش يقودونها. وكل ما كان لديهم هو السؤال الآتي: اين هو الملك الذي ولد حديثا ؟

        فلما سمع هيرودس  الملك  اضطرب هو  وكل اورشليم معه.

                                                                 متى 2: 3

        هزّ هذا السؤال الوحيد هيرودس بصورة حقيقية. كان يمسك السلطة بقبضة حديدية متماسكة، ويحطم كل من يجرؤ او يحاول ان ينتزعها منه. ولا شك ان المدينة كلها كانت قد اهتزّت ايضا. وعرف عن هيرودس بأنه كان قاسيا مع مواطنيه، وخصوصا في ساعات غضبه. من يعرف ماذا يمكن ان يفعل؟ دعا هيرودس مستشاريه من رجال الدين.

        وجمع كل رؤساء الكهنة وكتبة الشعب واستخبرهم اين يولد المسيح. 

                                                                 متى  2: 4

        يستطيع المرء ان يتخيل الزعماء الدينيين وقد اصيبوا بالحيرة قليلا. منذ متى يظهر  هيرودس اهتماما بالدين؟ لم يتوقعوا اسئلة حول المسيا. كان واضحا ان الذي ادركه المجوس حول هذا الحدث الهام الذي تم على الارض، لم يدركه الزعماء اليهود. ولكن هيرودس لم يكن رجلا يمكن تجاهله، فلقد سأل السؤال التالي:

        اين يولد المسيح؟

 

النـبوءة

        تستطيع ان تتخيل كاتبا منفعلا، ينفض الغبار عن مخطوط صغير. وقد انحنى زملاؤه الحكماء على ورق البردى، يتفحصون النص الذي كتب عليه بعيون متلهفة. كانوا يشعرون بالانزعاج قليلا، لانهم ارادوا ان يفهم هيرودس، بأنهم لم يكونوا اولئك الذين تنبأوا بهذا. ان نبيا يدعى ميخا قد كتب عن الامر قبل اكثر من 700 عام. ويشير اصبع مهتز الى جزء ممزق تماما من الوثيقة. ويترفع هيرودس عن النظر اليها، ويقوم الكاتب بتسليك حنجرته الخشنة ويقرأ:

      وانت يا بيت لحم افراته، انك صغيرة في الوف يهوذا ، ولكن منك يخرج لي من يكون متسلطا على اسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ ايام الازل

                                                                ميخا 5: 2

        كانت النبوءة محددة جدا. قالت انه يجب ان يولد الطفل في بيت لحم افراته. وهناك بلدتان تسميان بيت لحم، واحدة بالقرب من الناصرة والاخرى جنوب القدس في منطقة افراتا (4)، ولهذا فقد كان هذا التحديد مهما.

        ولو كان يوسف يعرف هذه المعلومات، لاكتشف السبب الحقيقي لرحلتهما من الناصرة الى بيت لحم. لقد كان تلك هي خطة الله. وكان الاحصاء الروماني وسيلة لكي يوصلهما الى هناك.

        اراد هيرودس ان يعرف اذا كان النبي ميخا قد كتب اكثر من ذلك. لقد فعل! وقالت نبوءته بوضوح ان الذي يولد قد عاش منذ الازل. ولا بد ان الشحوب قد علا وجه هيرودس. لا يمكن ذلك، لان الله وحده ازلي فقط. ربما كان الكتبة يحاولون اثارة الفزع لديه عن قصد، والسيطرة عليه. ولكن لا بأس من مجاراتهم. سوف يبيّن لهم ما نوع العبادة التي ينتظرها الملوك الجدد. اخرج كهنته…

      حينئذ دعا هيرودس المجوس سرا وتحقق منهم زمان النجم الذي ظهر. ثم ارسلهم الى بيت لحم قائلا اذهبوا وابحثوا عن الصبي متحققين، واذا وجدتموه فاخبروني لكي اذهب انا ايضا واسجد له. فلما سمعوا هذا من الملك ذهبوا. فاذا النجم الذي كانوا رأوه في المشرق يتقدمهم ، حتى جاء ووقف فوق الموضع الذي كان فيه الصبي. فلما رأوا النجم فرحوا فرحا عظيما جدا واتوا الى البيت فوجدوا الصبي مع مريم امه. فخروا ساجدين له وفتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا من ذهب ولبان ومر (5)                           

                                                          متى 2: 7-11

واستمر الله في ارشاد هؤلاء الرجال:

       ثم اوحي لهم في الحلم ان لا يرجعوا الى هيرودس، فرجعوا في طريق اخرى الى بلادهم. ولما انصرفوا ، اذا بملاك الرب تراءى ليوسف في الحلم قائلا : قم فخذ الصبي وامه واهرب الى مصر، وكن هناك حتى اقول لك ، فان هيرودس مزمع ان يطلب الصبي ليهلكه. فقام وأخذ الصبي وأمه ليلا وانصرف الى مصر. وكان هناك الى وفاة هيرودس.

                                                  متى 2: 12-15

        ويسجل التاريخ بشكل واضح، ان هيرودس بذل جهدا كبيرا لقتل المسيح عليه السلام، ولكن الطفل بقي آمنا في مصر. كانت تذكر مصر في القصص القديمة بأنها مكان الاضطهاد والعنف، لان دينونة الله قد حلت عليها. وحدث الآن شيء مختلف. اختار الله مصر لكي يتم ذكرها بكرامة، مكانا قاد اليه مريم ويوسف ليجدا ملجأ للمسيح. اصبحت مصر مكان الأمان للعائلة المقدسة، بينما سكنت القسوة والظلم مع هيرودس في مملكته حيث خطط من اجل احباط اهداف الله . فانعكست القصة الآن.

        ومات هيرودس في نهاية الامر، وعاد يوسف مع مريم ويسوع الى الناصرة، حيث عمل يوسف نجارا.

        وكان الصبي ينمو ويتقوى ممتلئا حكمة وكانت نعمة الله عليه.

                                                                   لوقا 2: 40

       

الكلـمة

مقابل الـحروف والمقـاطع

 

        رأينا عبر القرون ان الله قد كرم الذين آمنوا بكلمته المحكية. ولم يخبرنا الله عن نفسه فقط، وانما اظهر نفسه الينا بمجيئه الى الارض. يقول الكتاب المقدس ان المسيح عليه السلام هو كلمة الله الحية:

   في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله .                           

                                                                   يوحنا 1:1

        واذا كان الامركما هو مقصود، تفهم العبارة بابدال كلمة المسيح مكان الكلمة. وتحصل على المعنى الكامل للرسالة:

   في البدء كان المسيح والمسيح كان عند الله وكان المسيح هو الله. وكان المسيح مع الله منذ البداية.

                                                  يوحنا 1: 1 ( اعادة صياغة)

        وعندما يقول يوحنا ان المسيح كان مع الله فيجب ان لا يفهم هذا على انه يوجد الهان. انظر الى الامر بهذه الطريقة:

        يتكلم الله الى الانسان. وهو يتكلم من خلال كلمته. وعندما نتكلم فاننا لا نفكر على اساس ان كلماتنا منفصلة عن انفسنا. لا نستطيع ان نفتح الدماغ ونقطع الجزء الذي يمثل "الكلمات". ان الكلمات هي افكار محكية او مكتوبة وبطريقة ما غامضة. فكلماتنا وذواتنا شيء واحد. اذا انتقد شخص ما، ما اقوله او اكتبه، فانه ينتقدني انا، ولا ينتقد الحروف الموجودة على الصفحة، او المقاطع التي تلفظ في الهواء. ومهما تحققه كلمتي، سواء سببت الفرح او الاثارة لشخص ما، فان هذه الكلمات تتحدد بالكامل من خلالي انا. انا هو الذي سوف يبارك او يلام بسببها. ان كلماتي وانا شيء واحد. وبنفس الطريقة فان المسيح والله هما واحد. ان المسيح هو كلمة الله.

في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله. كل به كوّن وبغيره لم يكوّن شيء مما كون…. والكلمة صار جسدا وحل فينا…                  

                                                        يوحنا 1: 1-3، 14

3      - بين الحـكماء

        رغم ان المسيح عليه السلام هو كلمة الله، فقد اختار ان يدخل الى الجنس البشري بصورة طفل. ولا بد ان تربية هذا الطفل كانت تجربة كبيرة بالنسبة ليوسف ومريم. كان المسيح عليه السلام بلا خطيئة. وعندما كان صغيرا، لم يكن غير صبور ابدا، ولا يرد الكلام غاضبا، ولا يصاب بنوبة من العصبية. ورغم وجود قصص تتحدث عن السنوات التي نشأ فيها المسيح عليه السلام في الناصرة، فانها لا تجد مرجعا لها في الكتاب المقدس. وتم تسجيل قصة واحدة فقط عندما كان المسيح في الثانية عشرة من عمره.

     وكان ابواه يذهبان الى اورشليم كل سنة في عيد الفصح. فلما بلغ اثنتي عشرة سنة صعدا الى اورشليم كعادة العيد.   

                                                          لوقا 2: 41، 42

        ويصبح الطفل في سن البلوغ حسب الثقافة اليهودية، عضوا كاملا* في الطائفة الدينية. وبهذه الصفة كانت له جميع الامتيازات والمسؤوليات المعطاة لشاب.

 *(يصبح الطفل ابن الميثاق، وهي عادة ما زالت موجودة في احتفال ال "بار متسفاه" الحالي).

        وبينما كان يوسف ومريم في الرحلة المعتادة الى اورشليم، كان بلوغ المسيح عليه السلام ليس بعيدا عن اذهانهما (6).

 

الرجـوع الى البـيت

        بعد انتهاء العيد، توجه الجميع الى بيوتهم. ورغم اننا لا نعرف جميع تفاصيل الرحلة، فاننا نستطيع ان نتخيل تسلسل الاحداث. وربما سافر الناس من الناصرة معا لاجل الصحبة والأمن المتبادل. ولما كان الاطفال يسيرون بصورة بطيئة، فقد غادروا في الصباح الباكر مع النساء وبعض الرجال للحصول على وضع متقدم. وتأخر بقية الرجال من اجل القيام بزيارة اخيرة للمجمع، وينطلقون بعد ذلك من اجل اللحاق ببقية الجماعة وقت الغسق.

     ولما تمت الايام عند رجوعهما بقي الصبي يسوع في اورشليم وابواه لا يعلمان. واذ كانا يظنان انه مع الرفقة سافرا مسيرة يوم…

                                                           لوقا 2: 43-44

        تستطيع ان تتصور مريم وهي تغادر عند شروق الشمس. ولم يكن المسيح عليه السلام في مرمى بصرها، ولكنها لم تفزع. كان المسيح في سن يتوقع منه ان يكون رجلا. لا بد انه قد تأخر مع الآخرين من اجل زيارة مجمع الهيكل. ولا شك انه كان مع يوسف. وعندما وردت في ذهنها هذه الفكرة، ابتسمت ابتسامة راضية. لقد كان شابا مدهشا! وكانت تشعر بالسرور لانه اخذ وقتا اضافيا من اجل الاستماع الى الرجال الحكماء في الهيكل.

        وعندما حل الغسق، وصل يوسف الى الموقع المحدد مسبقا مع بقية الرجال الآخرين. لقد امضوا يوما ممتعا مليئا بالمعرفة، وامضوا وقتا اضافيا يستمعون الى الرجال الدارسين في الهيكل وهم يعلمون كلمة الله. وناقشوا التعاليم الدينية على الطريق، بينما كانوا يسرعون من اجل اللحاق بالنساء. وشعر يوسف بالأسف بصورة خاصة لان المسيح لم يبق معه. وبعد كل شيء فقد كان في عمر يتوقع منه ان يتحمل مسؤوليات الشباب. كان باستطاعته ان يتعلم الكثير، ولكنه ذهب مع المجموعة الاولى مع مريم وبقية الاطفال. يجب عليه ان يذكّر المسيح بأنه يكبر. ولم يكن يذكره بهذا الامر في الغالب. وهو لا يتذكر ابدا انه ذكّر المسيح بأي شيء. ثم نظر فوجد مريم. وكان كلاهما يبتسم:

"هل كان يومك جيدا؟"

"نعم، عظيم!"

"هل استمتع المسيح؟"

"المسيح؟"

واختفت الابتسامات. "لقد ظننت…!"

"نعم، ولكني ظننت…"

وكانا يطلبانه عند الاقارب والمعارف، فلم يجداه فرجعا الى اورشليم يطلبانه.

                                                          لوقا 2: 44-45

 

البحـث

        لا شك ان البحث كان مزعجا الى درجة كبيرة. لقد بحثوا جميع الامكنة التي يمكن ان يتواجد فيها الصبي. فتشوا القسم الذي تباع فيه الحلويات في السوق تفتيشا كاملا، وفتشوا مواقع البناء المحلية، لمعرفة اذا كان قد تأخر وهو يراقب اعمال البناء. واقتفى يوسف آثار اقدامه وهو يشعر باليأس. لقد كانت المرة الاخيرة التي شاهده فيها في الهيكل.

      وبعد ثلاثة ايام وجداه في الهيكل جالسا  فيما بين المعلمين يسمعهم ويسألهم. وكان جميع الذين يسمعونه مندهشين من فهمه واجوبته.

                                                          لوقا 2: 46، 47

        كان المسيح عليه السلام تماما في المكان الذي كان يجب ان يكون فيه، كان يعمل ما تمناه يوسف ومريم. كان هناك فرق واحد فقط. كان المسيح يقوم بالتعليم في الهيكل بدل ان يتعلم هو من الحكماء. لم يكن يلقي محاضرة - ولكن اسئلته النافذة ومعرفته العميقة واجابته الشاملة، لم تكن دون ان تثير الملاحظة. وتعلق حكماء الهيكل حقا بكل كلمة تفوه بها. ويقول الكتاب المقدس انهم كانوا مندهشين!

        لم يعجز العلماء فقط عن الكلام، فقد بهت يوسف ومعه مريم، ولكنهما تنفسا الصعداء دون شك بعد ذلك، وتمكنا من العودة الى حالتهما الطبيعية.

       فلما نظراه بهتا فقالت له امه يا ابني لم صنعت بنا هكذا. ها انا واباك كنا نطلبك متوجعين.

                                                           لوقا 2: 48

فسألهم يسوع قائلا:

        لماذا تطلبانني ؟ الم تعلما انه ينبغي لي ان اكون فيما هو لأبي.

                                                                 لوقا 2:49

 

تذكـير لطيـف

        لم يكن هذا جوابا وقحا. كان المسيح عليه السلام يقول ببساطة، انه كان تماما في المكان الذي يجب ان يكون الطفل فيه - في البيت في منزل ابيه. ولكن ماذا عنى بأبيه؟ من هو الأب الذي كان يشير اليه؟ سوف نعرف المزيد عن هذا في القسم الثاني من هذا الكتاب. وكل ما تحتاج ان تعرفه الآن، ان المسيح عليه السلام قد استعمل هذه العبارة كتذكير لطيف لوالديه الارضيين بطبيعته الحقيقية:

       فلم يفهما الكلام الذي قاله لهما. ثم نزل معهما وأتى الناصرة وكان خاضعا لهما، وكانت امه تحفظ ذلك الكلام كله في قلبها. وكان يسوع يتقدم في  الحكمة والسن والنعمة عند الله والناس.

                                                          لوقا 2: 50-52

 

 

4      -  النبي يحيى (يوحنا)

        لم يبدأ المسيح عليه السلام حياته رسميا حتى بلغ الثلاثين سنة من عمره. وكان يوحنا ابن زكريا قد بدأ يعد الطريق له، ويقول لكل من استمع له: أن المسيح قد أتى. وخلق هذا الامر هزة في النفوس:

     في تلك الايام اقبل يوحنا المعمدان يكرز في برية اليهودية. ويقول توبوا فقد اقترب ملكوت السماوات.

                                                          متى 3: 1، 2

        كان يتم الاشارة الى يوحنا بأنه المعمدان، لانه كان يعمد الناس. لم يكن طقس العماد غريبا بين شعوب بلاد الشرق في تلك الايام. كان العماد يحمل المعاني الكثيرة. ولكن الكثير من الغموض يحيط بهذه الكلمة اليوم.

 

التحـديد

        تدل كلمة المعمودية ضمنا على التحديد. وقد نشأ معنى مألوف لكلمة baptizo في صناعة المنسوجات اليونانية القديمة. فقد كان يجري اثناء عملية صباغة النسيج تغطيس قطعة قماش في وعاء الصبغ، حيث تأخذ قطعة القماش لون الصباغ. وكان يتم تحديد نوع القماش من خلال الصبغة.

        عرف يوحنا بأن اليهود قد ضلوا عن الكتاب المقدس واعتنقوا افكار البشر. وقال ان عليهم ان يندموا ويعيدوا التفكير بطرق ضلالهم، والعودة الى الله. لقد اظهر اليهود الذين تعمدوا أنهم قد وافقوا شخصيا على رسالته في التوبة:

     حينئذ كان يخرج اليه اهل اورشليم وكل اليهودية وجميع بقعة الاردن، فيتعمدون منه في الاردن معترفين بخطاياهم.      ولما رأى كثيرين من الفريسيين والصدوقيين يأتون الى معموديته، قال لهم يا اولاد الافاعي من دلكم على الهرب من السخط الآتي. اثمروا ثمرا يليق بالتوبة.

                                                                متى 3: 5-8

 

توبـوا

        عرف يوحنا ان بعض الذين يستمعون اليه كانوا من الفريسيين والصدوقيين. وتذكر بأن هؤلاء هم الذين اضافوا الى كلمة الله وحذفوا منها. ولم تكن هاتان الطائفتان بحاجة لبعضهما، ولكنهما اشتركتا بالكبرياء والشعور بالتفوق على الآخرين. وقد سماهم يوحنا بالافاعي، لانهم طبقوا قواعد صارمة لا يطيقها الآخرون، في حين انهم لم يمارسوا ما وعظوا به. وطلب منهم ان يتوبوا وان يغيروا افكارهم.

 

معمـودية المسيح

        حيئذ اتى يسوع من الجليل الى الاردن الى يوحنا ليعتمد منه. فكان يوحنا يمانعه قائلا انا المحتاج ان اعتمد منك وانت تأتي الي ؟

                                                        متى 3: 13، 14

        كان يوحنا نبيا، ولكنه ادرك ان المسيح عليه السلام كان اكثر من نبي، وهو ليس  بحاجة للتوبة  لأنه كامل. وطلب يوحنا من المسيح ان يعمده لكي يتوب عن الخطيئة، لانه يعرف أنه هو الذي يحتاج الى ان يعمد وليس المسيح:

        فأجابه يسوع قائلا دع الآن، فهكذا ينبغي لنا ان نتم كل بر. حينئذ تركه. 

                                                                 متى 3: 15

        ألحّ المسيح على يوحنا المعمدان لكي يقوم بتعميده، لانه اراد ان يحدد نفسه برسالة يوحنا بالعيش بالبر، كما اراد ان يؤكد صحة هذه الرسالة:

     فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء، فانفتحت له السماوات ورأى روح الله نازلا مثل حمامة وحالا عليه. واذا صوت من السماء قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت.           

                                                   متى 3: 16، 17

 سننظر الى هذه العدد بصورة مفصلة في الصفحات الآتية، ولكن دعنا الآن نتابع القصة.

 

حمـل الله

     وفي الغد رأى يوحنا يسوع مقبلا اليه فقال هوذا حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم. هذا هو الذي قلت عنه انه يأتي بعدي رجل قد جعل قبلي لأنه اقدم مني.

                                                          يوحنا 1: 29، 30

        حدد يوحنا المسيح بأنه المخلص الموعود الذي سيحمل خطايا العالم. قال ان المسيح قد عاش قبله بصورة ابدية، وقال …

        وانا عاينت وشهدت ان هذا هو ابن الله

                                                                 يوحنا 1: 34

        عندما كنت في احدى المناسبات اشرح لزوجين شابين مضمون الكتاب المقدس. قرأت هذه الآية: "هوذا حمل الله الذي يحمل خطايا العالم!" فدبت الحيوية في الزوجة! وقالت بصوت مليء بالحيوية والنشاط:"الحمل! الحمل! هل لهذا أي علاقة بكل الحملان التي نقرأ عنها في العهد القديم من الكتاب المقدس؟"

        قلت لها: نعم، له علاقة… وعندما يحين الوقت ستجدين ان كل الامور ستنسجم معا وترتبط مع بعضها لتكون المعنى بشكل عجيب.

        كان مجيء الله الى الارض خطوة اخرى في محاولة تعريف الانسان بالله بشكل افضل. وكانت خطوة هامة جدا. فكر بالامر بهذه الطريقة: اذا رأيت جرافة تمهد طريقا، وصادفت امامها بيتا للنمل. وتدرك في هذه اللحظة ان بيت النمل على وشك ان يتم تدميره. فما الذي في وسعك ان تفعل؟ ان الجواب الوحيد الذي يمكن ان يكون  هو ان تتحول انت الى نملة وتقوم بتحذير النمل، بالطريقة التي يحذر فيها النمل بعضه بعضا عند وقوع الخطر الدائم.

        وهذا هوالحال مع الانسان. ما هي افضل طريقة يستطيع لله من خلالها الاتصال بنا لكي يصبح واحدا منا. يقول الكتاب المقدس  ان المسيح كان عمانوئيل:

      وكان هذا كله ليتم ما قيل من الرب بالنبي القائل: ها ان العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعى عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا.        

                                                            متى 1: 22، 23

 
 
هل يتكلم الله مع نفسه؟

   لقد لاحظنا ابتداء من الصفحات الاولى في الكتاب المقدس، طريقة غير عادية للاسلوب الذي يتكلم به الله، كما لو انه كان يتكلم مع نفسه. لقد قال الله مثلا عندما خلق الانسان…

   لنصنع الانسان على صورتنا كمثالنا…

                                            سفر التكوين 1: 26

وعندما اخطأ آدم، نجد الله في محادثة…

   وقال الرب الاله: لقد اصبح الانسان مثل واحد منا، يعرف الخير والشر.

                                                           سفر التكوين 3:22

وعندما شتت الله اهل بابل، قال…

   هلم نهبط ونبلبل هناك لغتهم حتى لا يفهم بعضهم لغة بعض. فبددهم الرب…

                                                   سفر التكوين 11: 7، 8

مع من كان الله يتكلم؟ الى من تشير كلمة نحن وكلمة لنا؟

   عندما تكلم الملاك مع مريم قال…

   ان الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك، ولذلك فالقدوس المولد منك يدعى ابن الله.

                                                           لوقا 1: 34، 35

   نرى هنا ان كلمة الروح القدس، والعلي، وابن الله، قد ذكرت كلها في آية واحدة. نحن نعرف ان العلي هو الله. لقد قرأنا قبل قليل العديد من الآيات التي تقول ان المسيح هو اله جاء بجسد بشري. هل تشير هذه الاشارات الى نفس الشيء؟ وماذا عن الروح القدس؟ ماذا يقول الكتاب المقدس؟ نأتي الآن الى الآية التي قرأناها للتو:

     فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء، فانفتحت له السماوات ورأى روح الله نازلا مثل حمامة وحالا عليه. واذا صوت من السماء قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت.              

                                                            متى 3: 16، 17

   يوجد لدينا في هذه الآية ثلاثة كيانات: يسوع، روح الله، وصوت من السماء. هل هذا شيء مربك؟ يمكن ان يكون الامر كذلك، اذا لم ندرك بعض المفاهيم الاساسية في الكتاب المقدس. وفيما يلي بعض الجوانب الاخرى في هذه الاحجية:

   اولا: نحن نعرف انه يوجد اله واحد فقط. ويتم التأكيد على هذا الامر بشكل متكرر في الكتاب المقدس.  

   اجابه يسوع: اسمع، يا اسرائيل، ان الرب الهنا هو رب واحد. 

                                                             مرقس 12: 29

   ان هذا الامر واضح بشكل مقبول. ولكن توجد اشياء اخرى عن الله تخرج عن نطاق العقل، وهي تعقيدات لا تصدق، ويصعب علينا سبر غورها. ان مجمل مفهوم اله ابدي يصعب فهمه. وبنفس الصورة، ان محاولة التفكير باله موجود في كل مكان في نفس الوقت محيرة تماما. ان الحصول على تفسير كامل لهاتين الحقيقتين فقط، امر يستحيل على عقولنا المحدودة. ونحن نواجه الآن وحيا عن الله يصعب علينا فهمه، ورغم ذلك فقد علمه الكتاب المقدس بوضوح. يكشف لنا الكتاب المقدس الها هو في نفس الوقت الآب والابن والروح القدس - ثلاثة اشخاص ابديين ومتساوين، ويؤلفون كيان الله. ويكون هؤلاء الاشخاص الثلاثة وحدة ثلاثية او ثالوت، وهم في نفس الوقت الله الواحد والوحيد.

   وكانت هنالك عبر السنوات محاولات متنوعة لشرح فكرة الثالوث:

1- البيضة: لكل بيضة قشرة وبياض وصفار، ثلاثة اجزاء متميزة ولكنها تكون بيضة واحدة فقط.

2-الابعاد: يوجد لكل صندوق ارتفاع وعرض وطول، ورغم انها ليست نفس الشيء فانها لا تنفصل عن بعضها البعض.

3-الضرب: 1 1  1 = 1

4-الشمس: تتكون من جرم سماوي مرئي وضوء غير مرئي وحرارة غير مرئية، وهي ثلاثة عناصر متميزة، ولكنها شمس واحدة.

   ورغم ان هذه التوضيحات تقدم لنا مساعدة كبيرة، الا انها لا تزال عاجزة عن تقديم فهم كامل لنا. يجب ان نكون حريصين على ان لا نحاول جر الله الى مستوى البشر، وان ننظر اليه كواحد منا. يقول الله ان جزءا من سبب عدم فهمنا له هو …

   لقد فكرتم انني كنت تماما مثلكم…

                                           مزمور 50: 21

     هنالك العديد من الاشياء التي لم ولن نفهمها، ولكننا قبلناها علىعلاتها. ما هي الكهرباء؟ لماذ لا تنساب على الارض عند سحب الفيشة من الابريز؟ لا استطيع ان ارى الكهرباء. ماذا يعني انها سوف تؤذيني اذا وضعت ملقطا صغيرا في منفذ الكهرباء؟ لا يعني جهلنا بحقيقة الكهرباء انها ليست حقيقية او اقل من ذلك.

      ونعتد نحن اليوم بقدرتنا على فهم العالم من حولنا. ان الاشياء التي حيرت القدماء عبر القرون، اصبحت مألوفة لنا. وعلينا ان نكون متواضعين. لان جوانب عديدة من الكون الذي نعرفه لا تزال تحتوي على اسرار عظيمة. ان الناس الذي سيعيشون بعد 100 عام من الآن، سوف ينظرون الينا عندما ينظرون الى الوراء، كاشخاص يشبهون العميان لما سوف يعتبرونه واضحا. سوف يأتي وقت يكون فيه مفهوم الثالوث واضحا تماما.

       وحتى اذا جاء ذلك اليوم بالفعل، علينا ان ندرك بأن قدرتنا المحدودة في المنطق لا توائم الها غير محدود في عقولنا المحدودة. وكما يفهم بشكل صحيح، فان الله كما يكشف عنه الكتاب المقدس هو اله يجعلنا نشعر بالدهشة.

        فكر لبرهة: اله ازلي، عارف للجميع، موجود في كل مكان في نفس الوقت، خلق جميع الكون، ثالوث، واحد في ثلاثة اشخاص - الآب والابن والروح القدس – يتساوون جميعا في الشخصية والقدرة. ان هذا الامر لا نستطيع سبر غوره! ورغم انه يصعب ادراك هذه المفاهيم، فان الكتاب المقدس يقول انها جميعا صحيحة.

     ان كلمة الله بالذات هي بيان عن الثالوث. ويوجد في اللغة العبرية كما هو الحال في اللغة العربية مفرد (واحد) ومثنى (اثنان فقط) وجمع (ثلاثة او اكثر) لاشكال الاسماء. وان كلمة الله في اللغة العبرية "الوهيم" هي جمع من  الناحية النحوية، وتسمح بوجود ثلاثة ولكن لها معنى المفرد.

      الخفايا للرب الهنا والمعلنات لنا…                                                                              سفر تثنية الاشتراع 29: 29

 

-----------------

 إلى الفصل الحادي عشر | إلى محتويات كتاب غريب على الطريق | إلى مكتبة النعمة