الذي فيه لنا الفداء بدمه غـفـران الخطايا ، حسب غنى نعمته (اف7:1)

لأن الدم يكفر عن النفس (لا 11:17)

نقرأ في سفر التكوين 21:3 ان الرب الإله صنع لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما، في هذا العدد نرى أول لمحة عن الدم، إذ أن الله كسى آدم وحواء بجلد حيوانات قد سُفكت دماؤها. إنها تُظهر لنا كيف ان حيواناً بريئاً قد سُفك دمه من أجل مذنب أثيم. وما هذا إلا رمز للذبيحة العظمى موت المسيح الكفاري على الصليب.

ولربما خاطب آدم امرأته قائلاً: "حسناً، إن كان الله قد طردنا من الجنة فعلامة حبه لنا أنه ألبسنا هذا الثوب الكفاري الجميل" ، إن الله قبل أن يطرد أبوينا الأولين من الجنة وضع أمامهما هذا الوعد المبارك بأن نسل المرأة _ أي المسيح - يسحق رأس الحية - اي الشيطان.

إن قلبي يمتلئ سروراً حين أفكر فيما عمله الله مع ابوينا الأولين قبل طردهما من الجنة، إذ انه كفَّر عن الخطية. لقد تعامل معهما بالنعمة قبلما يُصدر حكم الدينونة . ولو كان الله قد سمح لآدم وحواء أن يعيشا الى الأبد بعد السقوط لكانت نكبة عظمى . فمن رحمة الله أنه طردهما من الجنة لكي لا يعيشا الى الأبد في هذه الحالة الرهيبة. لقد وضع الرب الكروبيم بسيفه الملتهب على باب الجنة. لكن المسيح له المجد تقدم نحو هذا السيف الملتهب واحتمل القصاص الإلهي وفتح باب السماء امام الجميع. كان من الممكن أن يبقى آدم في الجنة عشرة آلاف سنة وبعدها يكون معرَّضاً لأن يُجرب من الشيطان ويسقط، لكن المؤمنين الآن يشعرون بالأمان لأن حياتهم مستترة بالمسيح. والمؤمن مُحصًّن في المسيح- الذي هو آدم الثاني-أعظم من آدم الأول وهو داخل الجنة.

طريق الإنسان وطريق الله

لنتأمل في سفر التكوين 4:4 "وقدم هابيل أيضاً من أبكار غنمه ومن سمانها، فنظر الرب إلى هابيل وقربانه، ولكن الى قايين وقربانه لم ينظر". أمامنا الآن ولدان ، وُلدا من أب واحد هو آدم، خارج الجنة، في ظروف واحدة، وتحت تأثيرات متشابهة، ولا يوجد فرق بينهما إلا في نوع القربان الذي قدماه. لقد قدم هابيل الدم فقُبل، لكن قايين قدم قربانه من أثمار الأرض حسب استحسانه الشخصي فرُفض.

لقد وضح الرب طريق الاقتراب اليه عقب سقوط ابوينا الاولين مباشرة . فسار هابيل في الطريق الإلهي ، اما قايين فسلك في طريقه الخاص. ربما تندهش لماذا رفض الله تقدمة قايين وقبل قربان هابيل ، رغم ان قايين اراد ان يقترب الى الله ويكرمه!. إن هابيل اتخذ طريق الله للاقتراب اليه، لكن قايين سلك حسب استحسانه البشري. ربما قال قايين في نفسه: "ما أرهب منظر الدم، ولماذا لا اقدم من ثمار الارض؟" واخذ من ثمار الارض التي لعنها الله وقدمها قرباناً . ربما قال أنا لا أميل الى التسليم بأن الطريق الوحيد للاقتراب الى الله هو الدم، فلا أؤمن بهذه المعتقدات. ان منظر ثمار الارض يبدو جميلاً عن منظر الدم".

في هذه الايام يوجد الكثيرون من أتباع قايين. إنهم يريدون الوصول الى السماء بطرقهم الخاصة. إنهم يأتون باعمالهم الطيبة وحسناتهم ويقدمونها لله، يؤمنون بما يبدو جميلاً في نظرهم، لكنهم لا يريدون أن يقتربوا الى الله عن طريق الدم الكفاري، ولكن يوجد البعض الذين سلكوا في طريق هابيل واقتربوا الى الله عن طريق الدم .

في حادث آخر جاء في سفر التكوين 20:8 "بنى نوح مذبحاً للرب. وأخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة وأصعد محرقات على المذبح". لقد سلك نوح في طريق الدم الكفاري. وهكذا سلك شعب الله .

إقرأ ايضاً تكوين 13:22 " فرفع ابراهيم عينيه ونظر وإذا كبش وراءه ممسكاً في الغابة بقرنيه، فذهب ابراهيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضاً عن ابنه" لقد احب الله ابراهيم كثيراً لدرجة انه فدى ابنه اسحق من الموت، لكن الله أحب العالم كثيراً جداً جداً لدرجة أنه بذل ابنه الوحيد لخلاصنا اجمعين. يقول الكتاب ان إبراهيم رأى يوم المسيح وتهلل، ونحن لا نعلم متى حدث هذا، لكن يبدو أن الرب قد كشف لإبراهيم في هذا الحادث أن المسيح سوف يموت عن البشر ويحمل خطايا الجميع. تأمل في هذا المشهد . بنى ابراهيم المذبح حسب امر الله . حين امره الرب ان يأخذ ابنه الوحيد الذي يحبه ويقدمه محرقة. وربط ابراهيم ابنه. وأعدَّ كل شيء. والآن هو يأخذ السكين ويرفعها ليهوي بها على رقبة إسحق. إنه لا يعلم معنى هذا. لكنه أمر الرب ، وينبغي ان يطيعه. ليت لنا الآن طاعة إبراهيم حتى نتمم امر الرب دون سؤال أو اعتراض. إني أتصور ان إبراهيم قد احتضن ابنه وقبله وبكى كثيراً. وأتصوره وهو يخبر ابنه عن السر الذي أخفاه عنه. يا له من مشهد رهيب!. لا شك ان ابراهيم قد صارع كثيراً بينه وبين نفسه. الآن قد رفع إبراهيم السكين فوق عنق ابنه إسحق. وفجأة يسمع هذا الصوت يجلجل من السماء: إبراهيم إبراهيم. فقال هأنذا، لا تمد يدك الى الغلام ولا تفعل به شيئاً" . آه ، لم يكن هناك مثل هذا الأمر عند رابية الجلجثة لينقذ المسيح من موت الصليب، لقد مات البار من أجل الأشرار. لأن الله عادل وغير متساهل، وهو محب ورحوم ايضاً، ففي صليب المسيح اخذ عدل الله مجراه، وظهرت محبة الله للبشر، لأن الرب يسوع احتمل طوعاً كل القصاص المتجوب علينا من جراء خطايانا ليسامح كل من يؤمن به، فلا قصاص ولا دينونة على من يقبل فداء المسيح .

لنتأمل ايضاً فيما جاء في عب 19:10 "فإذ لنا ايها الإخوة ثقة بالدخول الى الأقداس بدم يسوع، طريقاً كرسه لنا حديثاً حياُ بالحجاب اي جسده" . كان رئيس الكهنة في العهد القديم يتشفع في الشعب. كان يدخل الى قدس الأقداس في بيت الله مرة واحدة في السنة حاملاً دم الذبائح . لكن الآن المسيح صار هو بنفسه يشفع بنا امام الله لأنه قد فتح لنا طريقاً حديثاً حياً. حين صرخ على الصليب "قد أُكمل" تمزق حجاب الهيكل، والآن لا يوجد حجاب بين الله والإنسان ولم نعد بحاجة الى احد غير يسوع ليشفع فينا. أن المسيح مات، لكنه قام وهو حيٌّ الآن. إن الإنسان الخاطئ حالما يخلص من خطاياه ويتطهر بدم الميسح يصبح بنظر الله ملكاً وكاهناً. إن الله يدعوه "ابني" إنه يصبح وارثاً للأمجاد السماوية. كأنه لم يخطئ من قبل لأنه افتدي بالدم، وتصالح مع الله بالدم، وتمتع بالقداسة بالدم ونال النصرة على الخطية والشيطان بواسطة الدم. حسبما جاء في 1يو7:1 "دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كـــــــــــل خطية" إقرأ معي هذه الآية الرهيبة التي جاءت في عب. 28:10 " من خالف ناموس موسى فعلى شاهدين او ثلاثة شهود يموت بدون رأفة، فكم عقاباً أشر تظنون أنه يُحسب مستحقاً من داس ابن الله وحسب دم العهد الذي قُدس به دنساً وازدرى بروح النعمة ؟! مخيف هو الوقوع في يديّ الله الحي" . لقد كان الشخص الذي يكسر ناموس موسى في العهد القديم يُرجم بالحجارة حتى الموت. عزيزي الخاطئ ، ماذا انت فاعل بدم المسيح ؟ . إنه شيء رهيب جداً أن تستهين بدم المسيح ولا تؤمن بكفارة المسيح . إن قلبي يهتز من الرهبة عندما أجد الناس يدوسون دم المسيح. إن الشيء الوحيد الذي تركه المسيح على الأرض هو دمه. لقد صعد المسيح بالجسد الممجد ، لكنه ترك لنا هذا الدم الكفاري ، فهل ندوس عليه بعدم قبولنا غفران الله المقدم مجاناً .

Back