أين السلام ؟

 

ما ان طُرد الإنسان من حضرة الله نتيجة لعصيانه ، حتى ملأ الفراغ قلبه ، وسيطر القلق على حياته ، وأخذ يشعر بحاجته القصوى الى السلام النفسي ، والاكتفاء الروحي فأخذ يبحث عنهما في المال والجنس ، في العلم والمركز ، في النظريات والفلسفات ، في التقوى والتدين ، ولكن عبثاً بحث ويبحث لأن الله يقول : "كلها سُبُل معوجة . كل من يسير فيها لا يعرف سلاماً " (اشعياء 59 :8) .

شهد بوذا بالقول قبل وفاته : "انني ما زلت أبحث عن الحقيقة" . واعترف غاندي بهذا الواقع عندما كتب في مذكراته "انه لعذاب دائم لي ان ابقى بعيداً عن الله الذي اعرف انه مصدر حياتي ووجودي ، وانا أدرك ان تعاستي وشري هما اللذان يبعداني عنه".

عبثاً تنتظر أي سلام نفسي ، او تتوقع أية راحة قلبية في كل ما هو دنيوي ، اذ العين لا تشبع من النظر ، والاذن لا تمتلئ من السمع ، والكل باطل وقبض الريح ، ولا يمكن للانسان ان يحصد من الخطية ، والانغماس بملذات العالم الجسدية إلا القلق والبلايا ، وتعب الضمير ؛ والخطية التي يسعى الانسان وراءها طلباً للسعادة هي التي فصلت الانسان عن الله خالقه ولن يجد المرء سعادة إلا بالرجوع الى الله ومصالحته.

يقول الفزيائي الشهير والفيلسوف باسكال : "يوجد فراغ في قلب كل انسان لا يمكن ان تملأه أية مبدعات ، بل الذي يملأه هو الله الخالق فقط ، الذي عَرّفنا به الرب يسوع المسيح".

ويقول القديس اوغسطينوس : "لقد خلقتنا يا الله لنفسك ، ولسوف تبقى قلوبنا قلقة حتى تجد راحتها فيك" حقاً في استقلالية الإنسان عن الله "ليس سلام لأحد من البشر" (ارميا 12 :12) . والله يعاقب الإنسان على فعلته بالقول : "شعبي عمل شرّين تركوني انا ينبوع المياه الحية لينقروا لانفسهم آباراً ، آباراً مشققة لا تضبط ماء" (ارميا 2 :13) .

لذلك رتب الله من محبته للإنسان شبعاً روحياً ، وسلاماً قلبياً بواسطة ابنه الرب يسوع المسيح الذي تجسد ليعيد للإنسان علاقته مع الله ، فجاء وبشّر بالسلام للقريبين والبعيدين ، ودفع ثمن ابتعاد الإنسان وخطيته دمه الكريم الذي سفكه على الصليب ، وهكذا عمل الصلح بدم صليبه "لأن الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم" (2 كورنثوس 5 :19). وحيث ان لا سلام مع الخطية ، جاء يسوع ابن الله واصبح حمل الله الذي يرفع خطية العالم ، ولذا كتب الرسول : "فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح ، الذي نلنا به الآن المصالحة" (رومية 5 :1و11) .

أيها القارئ العزيز هل تتوق نفسك الى سلام وفرح حقيقيين ؟ وهل تعلم ان معطيهما هو الرب يسوع المسيح الذي قال : "سلاماً اترك لكم ، سلامي اعطيكم ، ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا" (يوحنا 14 :27) .

تب إليه توبة قلبية ، وحيث انك لا تضمن حياتك ان كنت تعيش للغد فافعل ذلك الآن ، واحصل على السلام القلبي بالإيمان بموت ابن الله الوحيد لاجلك على الصليب ، لأن هذه هي خطة الله لخلاصك "لأنه (يسوع) يقدر ان يخلص أيضا إلى التمام الذين يتقدمون به الى الله اذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم" (عبرانيين 7 :25) ، فتغفر خطاياك للحال بدمه الكريم وتعود الى العلاقة مع الله ، وتتمتع بالسلام القلبي والسعادة الحقيقية اللذين طالما بحثت عنهما سلام الله لك شخصياً المكتوب عنه: "سلام سلام للبعيد وللقريب قال الرب" (اشعياء 57 :19) .

 

Back