كتب "أ. بايزون" هذه القصة الواقعية في مجلة "الطريق الصالح" قال: بينما كنت في مدينة "هانيبال" في الاسبوع الماضي ، قص عليَّ الدكتور "ب.ت. نورثون" وهو طبيب موثوق بشخصه وبكلامه هذه القصة الغريبة. قال: راى المستر ريتشاردسون من "كارول باريس" في مقاطعة لويزيانا، حلماً تحقق بصورة عجيبة مدهشة. وقد كان المستر ريتشاردسون مزارعاً ناجحاً ثرياً، وكان ذا نفوذ كبير في بيئته، وكان رزيناً يحب أسرته. ومع انه كان كثير الفخر بإلحاده وكراهيته الصريحة للمسيح، إلا ان مركزه الاجتماعي كان يحمل الجميع على احترامه. وكانت زوجته مسيحية تقية ثابتة في الإيمان المسيحي، قد سلمت قلبها للرب يسوع منذ صباها، وكانت تواظب على الاجتماعات في الكنيسة هي وأبناؤها، رغم ان زوجها لم يدخل معها الكنيسة منذ زواجهما. وفي مساء يوم سبت قال المستر ريتشاردسون لزوجته: "غدا سأذهب معك الى الكنيسة وأسمع القاضي لاين أف مسيسبي" وكان هذا القاضي واعظاً مشهوراً أثار اهتمام الناس بعظاته المؤثرة.
وفي تلك الليلة حلم المستر ريتشاردسون فرأى نفسه موضوعاً في صندوق يشبه صناديق الموتى، والصندوق يطفو على سطح مياه نهر المسيسبي دون ان يستطيع ان ينقذ نفسه __، واخيراً غاص الصندوق وهو بداخله. فاستيقظ من نومه وتمشى في الحجرة قليلاً، ثم نام، فإذا بالحلم يتكرر ثانية ! .
وفي الصباح قال لزوجته باستخفاف: "اني حلمت الليلة حلماً غبياً، وقد بلغ من الغباء هذا الحلم أني لا استطيع ان اذكره لك". وأخذ يضحك في عدم مبالاة .. ثم قص الحلم على زوجته باستخفاف كثير.. ولكن في مدى ساعة واحدة مرض هذا الرجل فجأة . فاستدعوا له الطبيب، الذي قال: "آسف يا مستر ريتشاردسون، فإنك ستموت سريعاً، فإن كان لك مصالح تريد ترتيبها قبل وفاتك فعجل بها". ولكنه عاد يسأل الطبيب في عدم تصديق: "أو تظن حقاً أني سأموت يا دكتور؟!"، "نعم ستموت وستموت سريعاً" فأجاب: "إني انادي الله القدير ويسوع المسيح وأطلب منه أن يقتلني".
ثم استدار الى زوجته وقال لها :"يا زوجتي أحضري كتابك المقدس وكل كتبك الدينية وضعيها على هذه المائدة، ثم أحضري كل كتبي الإلحادية وضعيها بجوار كتبك" . ففعلت المرأة هكذا، فقال لها: "أنا لم أشك يوماً في مسيحيتك، فسلوكك اليومي وتصرفاتك واعمالك كلها في السنوات السبع الماضية كانت مثالية، فإذا كان لا بد لي أن أتركك، فعيشي العيشة المسيحية، محبة لإلهك وعابدة اياه"، ثم أضاف: "خذي هذه الكتب الكفرية كلها والقي بها في النار، أحرقيها امام عينيًّ، لقد كانت سبب هلاكي، ولا أريدها أن تهلك أبنائي"، ثم سأل في يأس بالغ: "كيف تراني استطيع ان اموت وأقابل الله؟ إنني أطالبه أن يقتلني، فقد احتقرته واحتقرت يسوع المسيح منذ طفولتي الى هذه اللحظة".
ثم نهض فجأة من فراشه وهو يصرخ: "هذه الحجرة مليئة بالشياطين! لا تدعوهم يأخذوني ! أطلبي الخدم ليساعدوك لأن الجحيم ستكون نصيبي الى الابد. ولكن ان كان الله مصراً على إماتتي، فلا تدعيني أدفن في هذا الجانب من النهر حيث الارض منخفضة وكثيراً ما يغطيها ماء النهر، بل احملوا جسدي عبر النهر ليدفن هناك في الأرض المرتفعة التي لا تصل إليها مياه النهر".
بعد هذا اخذ يجدف على الله لمدة عدة ساعات بألفاظ لا يمكن ذكرها، حتى ليظنه من يراه أنه قد أصيب بمس من جنون، ولكنه كان في حالة من الرزانة والتعقل تدعو الى العجب. وحينما دنا من حافة الابدية صاح: "لقد تركني اصدقائي القدماء. أمكثي معي يا زوجتي العزيزة . أطردي عني هذه الشياطين ! يا يسوع المسيح، أنا لن ألقاك. نعم. فأنا أعلم أني هالك .. هالك.. هالك الى الابد. ولن أقابل زوجتي العزيزة ولا اولادي. لن اراهم ثانية لا في هذا العالم ولا في العالم الآتي!". ثم مات في يأس بالغ .
وكانت القوارب الآلية قليلة في تلك الأيام، فوضِع الصندوق الذي به جسد الميت على ظهر قارب صغير ليدفنوه في الجانب الآخر من النهر كما أراد. وبينما القارب يعبر النهر، إذا بزوبعة شديدة تهب، فاضطر الرجال الذين كانوا بالقارب أن يعودوا به الى الشاطئ. ولكنه انقلب قبل الوصول اليه، وانقلب الصندوق الذي كان به الميت الملحد إلى اعماق النهر، دون ان يستطيع احد انقاذه. وسيبقى هناك الى يوم القيامة حيث يُطرح في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت.
إني أثق أن هذه القصة حقيقية، وقد ذكرها لي الدكتور "نورثون" مرتين. وها أنذا أكتبها إليكم، لعل بعض القراء يجدون فيها تحذيراً لأنفسهم، أو وسيلة لتحذير الخطاة المهملين أمر خلاص نفوسهم وغير المبالين بالخطر العتيد أن يقابلهم. إن معتقدات الكثيرين من الملحدين والكفرة التي يباهون بها الآن ويظنونها من آيات الذكاء والحكمة، سترعبهم وتخيفهم حينما يقتربون من حافة الابدية، إذ سيرون الجحيم التي طالما انكروها وسخروا بها تفتح فاها لتبتلعهم قبل أن يتركوا هذا العالم. إنها سترسل شياطينها لتقبض على الخطاة لتهوي بهم الى اعماق الجحيم .
ليت الله
يعطيك انت أيها القارئ العزيز نعمة ورحمة فترجع الآن عن افكارك الباطلة
الى الرب، لتعيش في سلام معه، وعند انتهاء الحياة لا يكون للشيطان
مطمع فيك، بل ترقد بسلام بين ذراعي الرب يسوع المسيح الراعي الأمين
الذي أحبك ومات لأجلك .