الإيمان
المسيحي
للشاعر ناصيف اليازجي
نَحْنُ
النَّصارَى آل عيسى المُنتمي حَسَبَ - التأَنُّسِ للبتولةِ مَريَمِ
وَهوَ
الإلهُ ابنُ الإلهِ وروحُهُ- فثلاثةٌ - في واحدٍ لم تُقْسَمِ
للآبِ
لاهوتُ ابنهِ وكذا ابنُه ُ- وكذا هما والروحُ تحتَ تَقَنُّمِ
كالشمسِ
يَظهَرُ جِرمُها بشعاعها - وبِحَرِّها والكُلُّ شمسٌ فاعلَمِ
والله
يَشهَدُ هكذا بالحقِّ في - سِفرٍ لتوراةِ الكليمِ مُسَلَّـمِ
عن
آدمٍ قد قالَ صارَ كواحد ٍ- منَّا بلفظِ الجمعِ من ذاك الفمِ
خَلَقَ
البسيطةَ واحداً في جوهر ٍ- أحدٍ لخدمةِ آدَمَ المستَخْدَمِ
لكنْ
عَصاهُ بزلَّةٍ لا تنمحي - إلاّ بإرسال ابنهِ المُتَجَسِّمِ
فأتَى
وخلَّصهُ وخلَّصَ نَسلَهُ - ذاك المُخَلِّصُ من عذاب جَهَنَّمِ
وشَفَى
من البَلوَى وفتَّحَ أعيُناً - وأقامَ مَيْتاً مثلَ بالي الأعْظُمِ
هذا
مسيحُ اللهِ فادينا الذي - صَلَبَتْهُ طائفةُ اليهودِ كَمُجْرِمِ
بطبيعةٍ
بشريّةٍ قد أ لِّمَتْ - وطبيعة اللاهوتِ لم تَتَألَّمِ
حَمَلَ
الجِرَاحَ بنفسِهِ مُتَعَمِّداً - حتّى تكون لجُرْحِنا كالمرهمِ
قد
كان ذلك منه طوعاً وَهْوَ قد - وافى لهُ يَفْدي به الدَّمَ بالدَّمِ
من
قالَ للأعدا أنا هُوَ فانْهَوَوا - صَرعَى أليسَ بقادرٍأن يحتمي
لو
لم يُرِد لم يأتِ قَطُّ فإنَّهُ - أدرى بذا في عِلْمِهِ المُتَقَدِّمِ
لاهوتهُ
المالي الوجود إذا اكتسَى - جسماً فهل من ضَرَرٌ لهُ بتجسُّمِ
وإذا
تألَّمَ هل عَلَى اللاهوتِ من - ألَمٍ فليس اللهُ بالمُتَألِّمِ
لكنَّهُ
قد شاءَ ذاكَ لحكمةٍ - سَبَقَتْ بغامضِ عِلْمهِ المُسْتَحْكِمِ
فأتى
المسيحُ بأمرهِ مُتَجَسِّدا ً- من خيرِ سِبْطٍ في اليهود مُكرَّمِ
متنازلاً
متذ لِّلاً متواضعاً - مُتَصاغراً رُغماًعَلَى المُتَعَظِّمِ
وهُوَ
الإله الأعْظمُ الآتي لنا - من نَسْلِ داودَ النبيِّ المُلْهَمِ
أعطتهُ
توراةُ الكليمِ شهادَةً - وشهادةً وشهادةً لم تُكْتَمِ
وكتابهُ
الإنجيلُ حقٌّ واضحٌ - لا ريب فيهِ ولا سبيلَ لمُتَّهِمِ
في
كل طائفةٍ وقُطرٍ واحدٌ - ما بين أصل عندهم ومترجَمٌِ
كم
في النصارى شيعةً قد ناقضت - أخرى وقد حَكَمَت بما لم تحكُمِ
سبعون
أو مئةٌ من الأحزابِ في - خُلْفِ عَلَى لَزَمٍ وما يَلْزَمِ
يا
طالما اختلفوا فما اتَّفَقوا على - شيءٍ سواهُ فغيرُهُ لم يَـسلَمِ
كم
آيةٍ فيهِ تُخالفُ بعضَهم - لكن على تغييرها لم يُقْدِمِ
ولئِن
أخلَّ بها فأَنَّى وافَقَتْ - نَقلَ النقيضِ ونصُّها لم يُخْرمِ
ولو
استُهينَ بضبطهِ لَرأيتَهُ - نُسَخاً بهنَّ النَّقلُ لم يَتَقَوَّمِ
وإذا
تعطَّل كُلُّهنَّ فقُل لَنا - كيفَ الصحيحُ وأين يوجَدُ واسلَمِ
والحال
أنَّ له كذا ألفاً من الـ - نُسَخِ التي اتَّفَقَت بضبطٍ مُحْكَمِ
يَرضَى
النقيضُ نقيضَهُ كنظيرهِ - فيهنَّ وَهْوَعليه غيرُ مُسَلِّمِ
وإذا
افتَرَضناهُ حديثاً باطلاً - ضبطوه نقلاً كالطراز المُعلَمِ
كحديث
عنترة الفوارسِ وابن ذي - يَزَنٍ وبعضٍ من رجال الدَّيلَمِ
فتُرى
لَوَ انَّ الأصمعيَّ رَوَى الذي - نجدٌ رَواهُ من الحديثِ المُتْهَمِ
وأبا
عُبَيْدَةَ مثلَهُ وجُهَيْنَةً - وسواهما من كاتبٍ ومُترجمِ
هل
يستوي النقلُ الذي أودى به - نقضُ الرواة فصارَ كالمتهدِّمِ
ولَوِ
الحواريُّونَ نَصُّوهُ على - قَدَرٍ بمجتمعٍ لهم ومُخَيَّمِ
جعلوهُ
في التعبيرلفظاً واحداً - لا فرقَ فيه لناظرِالمتوسِّمِ
ولَوَ
انَّهم كتبوا كما شاءَ الهوى - شُقَّ الكتابُ لِكذْبهِ وبهِ رمُي
ولكانَ
في التاريخِ ما هُوَ ضِدُّهم - دَحضاً وضِدُّ مسيحهم كمُسَيْلِمِ
أو
كانَ سُطِّرَ بعد حينٍ مثلما - قد ظَنَّ بعضُ الناسِ ظَـنَّ مُرَجِّمِ
هل
من يُصدِّقهُ ويترُكُ دينَه ُ- بسَماعهِ عن حادثٍ مُترَدِّمِ
وإذا
تقرَّر بعد ذلك أنَّه - هذا الصحيح وأنه لم يُثْلَمِ
لزِمَت
به ثِقَةُ الجميعِ بأنهُ - حقٌ وغيرَ الحقِّ لم يتكَلَّمِ
واستلزَمَ
التصحيحُ إقراراً بما - في طيِّهِ كاللازمِ المستلزِمِ
فتَعَيَّنَ
الإيمان فيه بكل ما - يرويه تصديقاً بغير تَوَهُّمِ
وغدا
المُماري في المسيح كأنَّه - في الشمس مارَى في الضحى المُتبَسِّمِ
وتعطَّلَت
آراءُ كلِّ مكذِّبٍ - ومُفنَّدٍ ومُرجِّمٍ ومُنجِّمِ
شَهِدَت
عجائبُهُ له في عصرهِ - فدَرَى الحكيم وتاهَ منْ لمْ يفهَمِ
ولنا
عليه أدلَّةٌ قطعيَّةٌ - عقلاً ونقلاً ليس قطعَ تحكُّمِ
قد
جاءَ لا بيتٌ ولا مالٌ ولا - فرسٌ ولا شيءٌ يباع بدرهمِ
يأوي
المغارةَ مثلَ راعي الضأنِ لا - راعي الممالكِ في السرير الأعظَمِ
وهو
ابنُ يوسُفَ لا ابن قيصرعندهم - يغزو بجيشٍ في البلاد عَرَمْرَمِ
فأتاه
من شعبِ اليهود جماعةٌ - كانوا على الدين التليدِ الأقدمِ
وتبرَّأوا
من دين موسى صاحب الـ - طُّورِ المكلَّمِ في الغمامِ الأدهمِ
وتباعدوا
من قومِهِم بمذلَّةٍ - يأبون كل كرامةٍ وتنعُّمِ
وتعلَّقوا
بحبال مسكينٍ أتى - بالذُلّ مثلَ السائلِ المسترحِمِ
قالوا
هوَ ابن الله جهراً والعِدى - من حولهم مثل الذِّئاب الحُوَّمِ
والناس
بين عواذِلٍ وعَواذِرٍ - لهم وبين مُحَلِّلٍ ومُحرِّمِ
ما
غرَّكم يا قوم فيهِ أسيَفُهُ - أم جاهُهُ أم مالُه في الأنعمِ
هو
ساحرٌ يطغي فقالوا لم نَجِدْ - من ساحرٍ يُحيي الرميمَ بطلْسَمِ
كانت
رجال الله تُحيي ميّتاً - بصلاتها ودعائها المتقدمِ
ونراه
يُحيي المائتين بأمرِهِ - فهو الإله ومَنْ تَشكَّكَ يَنْدَمِ
ولئن
همُ انخدعوا لغَفْلتِهِم فقد - ضَعُفَتْ عقولُهُم كَمَنْ لم يَحْلَمِ
فتُرى
بما خَدَعوا البلاد ومَن بها - من عالِمٍ يُفتي ومن مُتَعَلِّمِ
فإذا
اعتبرنا ما ذكرتُ بدا لنـا - بالحقِّ وجهُ الحقِّ غيرَ مُلثَّمِ
وهُوَ
الدليلُ لنا على إثباته - كالشمس تَطْلُعُ في سماءِ الأنْجُمِ
ولكلِّ
معترض علينا منةٌ - أن كان يدحَضُهُ بقولٍ مُلْزِمِ