وهو مات لأجل
الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم
وقام (2كورنثوس15:5)
يحتفل العالم المسيحي في هذا الوقت من كل عام بذكرى الفصح المجيد, ذكرى موت وقيامة السيد المسيح. فإذا بنا نرى فرصة لتبادل الهدايا, ولبس الثياب الجميلة, وأكل الأطايب... وإذا بالبعض الآخر يرى فرصة لتسويق بضاعته وتنشيط تجارته ... وإذا بآخرين يحتفلون بالمسرحيات والافلام والغناء والرقص, بل وبالسكر والقمار, الى ما هنالك من مُتَع الجسد والدنيويات ... وبالرغم من كل هذا يعلّقون الصليب على اعناقهم وعلى ابواب بيوتهم وفي سياراتهم, لكنهم للأسف الشديد, لا يدركون حقيقة هذه الذكرى ولا يلمسون معنى صليب المسيح وانتصاره على الموت.
فالمسيح لم يصلب لكي نستمر في حياتنا الخاطئة, ولم يمت لنزداد في الغوص العميق في بحر الملذّات الدنيوية الفاسدة, والمطامع المادية الزائلة.
لا يعني الصليب تعصّباً أعمى لهذا الدين او تلك الطائفة, بالمظهر الخارجي, بينما يفرغ القلب من محبة المسيح وروحه الصالح.
لا يعني الصليب انتماء لهذه المجموعة او تلك, فنتذكّره في المناسبات, وبدون مفهومه الصحيح.
فالذين لا يعرفون معنى صليب المسيح, يسميهم الانجيل بالهالكين الجاهلين, وأما الذين اختبروا قوة المسيح وغفرانه, فيقول الانجيل عنهم أنّ كلمة الصليب عندهم هم المخلّصين فهي قوة الله وحكمة الله. (1كورنثوس18:1و24)
فالمسيح المدعو كلمة الله, جاء من قلب الله وذاته متجسّدا, لكي يحمل خطايا البشر في جسده, على الصليب, ليدينها ويمحوها؛ ولكي يغفرها لكل من يؤمن به حقاً وفعلاً, لا كلاماً وادّعاءً ؛ ولكي يمنح كل مؤمن به الحياة الابدية (يوحنا 16:3؛ 40:6و47)
لم يُصلب المسيح لأنه كان ضعيفاً, حاشا, إذ قال لبطرس:" أتظن أني لا استطيع الآن ان اطلب الى ابي فيقدم لي أكثر من اثني عشر جيشا من الملائكة ؟" (متى 53:26)
لم يُصلب المسيح لأن اليهود او الرومان كانوا اصحاب السلطة, فقد قال المسيح لبيلاطس الروماني : "لم يكن لك عليّ سلطان البتة لو لم تكن قد اعطيت من فوق ؛ لذلك الذي أسلمني اليك له خطية أعظم." (يوحنا 11:19) وإذ جاء اليهود ليمسكوا يسوع , قال لهم : "من تطلبون؟" فأجابوه: "يسوع الناصري!" فقال لهم يسوع: "أنا هو" فلما قال لهم إني أنا هو, رجعوا الى الوراء وسقطوا على الارض. (يوحنا4:18-6)
بل لقد كانت ارادة الله أن يأتي في المسيح ويتحمّل عقاب خطايا البشر على الصليب, لكي يحرّرهم من الخطيئة ويخلّصهم من الشيطان ومن جهنّم. وقد قال المسيح بفمه الطاهر في يوحنا 15:10و17و18 " أنا أضع نفسي عن الخراف... أنا اضع نفسي لآخذها أيضاً, ليس أحد يأخذها مني, بل أضعها أنا من ذاتي, لي سلطان ان أضعها, ولي سلطان أن آخذها أيضاً... "
فالله بيّن محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة, مات المسيح لأجلنا (رومية8:5)
أي أنّ الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه, غير حاسب لهم خطاياهم (2كورنثوس19:5)
لم ينتحر المسيح في الصليب عندما أسلم نفسه, حاشا, لأن اليائس والبائس هو الذي ينتحر, أما المسيح فبحُبٍ وبأس, "أسلم لأجل خطايانا واُقيم لأجل تبريرنا" (رومية 25:4)
هل رأيت محبة الله التي تجلّت في المسيح المصلوب عنك وعني؟
هل رأيت قوة الله التي تجلّت في قيامة المسيح المنتصر على الموت والشيطان؟
هل دخلت محبة الله وقوة الله الى قلبك وروحك وحياتك؟
هل صار يعني لك الصليب والقبر الفارغ أمراً جديداً عظيماً ؟